من المضحك رؤية العرب يجادلون فيما بينهم إذا كان موت نصر الله يستحق “الترحم” عليه أم لا ، لأن هذا وذاك حدث قبل 1400 عام. هذا الشيء المفترض أن يوحدنا يُعذِّبنا ، ويفرقنا.

فكرتي عن العالم العربي التي تبدو اليوم بعيدة قدر الإمكان ، هي مكان يمكنك السفر فيه من طهران إلى الدار البيضاء بقطار فائق السرعة ، بلا حدود ، وبإنفاق نفس العملة.

كان هذا هو الحال لقرون عديدة في الماضي من القرن الثامن الى القرن الثالث عشر. تمزق العالم العربي و الاسلامي بعد ذلك ولم يعد قط الى ما كان عليه فقد اخذ الاتراك جزءا و استقل الامازيغ بجزء و المماليك بجزء اخر و بدات الحملات الصليبية و انتهت و بدأت الدولة العثمانية وانتهت, و بدأ الاستعمار و انتهى, و بدأت الصهيونية وستنتهي, ثم مذا؟.

يشبه عالمنا اليوم ألمانيا قبل إعادة التوحيد ، أو الصين في القرن الثاني قبل الميلاد او العاشر مع ممالك مختلفة ، وممزقة تمامًا ، مع قوى متنافسة ، ومصالح متباينة ، وفكرة أن إسرائيل كانت العدو الذي يمكن أن يوحدنا ، بات أمراً بعيدًا أيضًا ، لقد أصبحت هي التي تفرقنا ، وإيران هي العدو الذي وحد دول الخليج مع إسرائيل. و الشعب العربي اليوم و القيادة في بعض الدول كالجزائر لا زالو يصرون ان العدو المشترك الصهيوني يمكنه توحيد العرب, وهو نوعا ما ممكن لكن لن يتم قبل زوال ايران كما هي اليوم.

لذلك هناك لاعبان اساسيين في المنطقة اليوم هم الفرس و الصهاينة، ولعبة التحالف في الداخل العربي تتعلق في الغالب بدول الخليج مع الولايات المتحدة والصهاينة ، و المقاومات الشعبية مع روسيا و الصين و إيران وحيث لا تلعب الجزائر هذه اللعبة على الإطلاق ، هي تحاول البقاء كطرف مستقل ضد الصهاينة و مشروعهم وضد الفرس و مشروعهم. ولكن بدون اي مشروع مختلف, بل بمشروع مات و احتضر و تجديده بعيد عن الامر الواقع (نوعا ما ممكن لكن لن يتم قبل زوال ايران كما هي اليوم).

الملاحظ للتاريخ يرئ انه في الحقيقة هناك عدة طرق رئيسية لتوحيد ممالك متفرقة تحت سيطرتها، منها القوة العسكرية والحرب الهادفة للضم القسري لأراضٍ جديدة ودول مجاورة, كما توجد الزيجات الإستراتيجية بين العائلات الارستقراطية النافذة, وكذلك الروابط الاقتصادية المشتركة التي تدفع نحو التوحد السياسي كطرق التجارة وانابيب الغاز والبترول العابرة للقارات وعقود بيع السلاح وغيرها من العقود الطويلة الامد. الطريقة الاخرى تكمن في انتهاز فرص انهيار الإمبراطوريات الكبرى وتفككها كما فعل المسلمون ايام الاسلام الاول بالفرس و الروم الذين انهارا انهيارا تاما بسبب الحروب و الاوبئة و الصراعات الداخلية مما ادى إلى إعادة تجمع الأقاليم السابقة تحت كيان جديد.

يمكن للمراقبين لديناميكيات الجيوسياسية للمنطقة في القرن الجديد والقرن الذي قبله أن يجادلوا بأن هنالك المزيد من التكامل الاقتصادي بين الصهاينة والملوك العرب، بالإضافة إلى القوة العسكرية المستمدة من التكنولوجيا الامريكية، واستخدام الفراغ السياسي الذي احدثه سقوط الخلافة العثمانية، وبعدهم الجمهورية العربية المتحدة كانت جميعها مؤشرات على نظام جديد لا يواجه منافسين جديين، باستثناء إيران (منذ بدأت الثورة الاسلامية ) التي تريد هذه الكعكة لنفسها بدلاً منهم.

فالعرب اليوم امام 3 خيارات, خيار اسرايل لقيادة المنطقة او خيار ايران, او خيار التوتر والتوازن المستمر والمتواصل بينهما. الخيار الرابع الممكن ان ينتج عن الثالث هو ان يدمر كلاهما الخر في صراع البيري نسبة إلى الملك بيروس و هي الحرب التي لا تحقق فيها أي من الجانبين نصرًا حاسمًا نظرًا للخسائر الفادحة التي تكبداها رغم الانتصار.