عندما أتجول في شوارع شرق وجنوب شرق آسيا، وأمرّ بمحال السوبرماركت الشهيرة “7-11” (أو كما ينطقها البعض “سفن-إليفن”)، يخطر ببالي دومًا تاريخ قديم يعود إلى نفس الرقم: العام 711. في هذا العام، بدأ طارق بن زياد مغامرته الكبيرة بفتح الأندلس، إيذانًا بواحدة من أهم مراحل التاريخ العربي. كانت هذه فترة زمنية مليئة بالمغامرات والاكتشافات، وهي المرحلة التي تبدو وكأنها انتهت الآن، بعدما أصبحت فكرة المغامرة نفسها شيئًا من الماضي، أو حتى “بدعة” كما يصفها البعض في عصرنا.

بعد مرور نحو ثلاثة عقود من ذلك التاريخ، بدأت موجة جديدة من التغيرات الكبرى تجتاح العالم العربي والإسلامي. في العام 750، اندلعت الثورة العباسية ضد الدولة الأموية، مدفوعة بسلسلة من الانتفاضات الشعبية التي بدأت في نهاوند، وهي منطقة في بلاد فارس (تركمانستان الحالية). الثورة العباسية المسلحة لم تكن وليدة لحظتها، بل سبقها تمردات فكرية وشعبية في الساحات والشوارع والجوامع ضد الحكم الأموي، الذي بدا وكأنه أصبح عبئًا على الشعوب.

ولكن، لماذا تبدو هذه الأسماء مثل أبو مسلم الخراساني وأبو العباس السفاح غريبة في الذاكرة العربية الحالية؟ ربما لأن العالم العربي الحديث، الذي حكمته الأيديولوجيات القومية البعثية ومن بعدها الأنظمة الخليجية، لم يجد مصلحة في ترويج هذه الشخصيات. بينما في إيران، تُعتبر هذه الأسماء جزءًا لا يتجزأ من التراث التاريخي، وتُروى سيرتهم كأبطال غيّروا مجرى التاريخ.

الصعود الإيراني اليوم في المنطقة، والذي يُعرف بمحور “المقاومة”، يبدو كأنه إعادة تاريخية لأحداث القرن الثامن الميلادي. في ذلك الوقت، استطاعت النسخة الفارسية من الإسلام أن تتفوق على النسخة الرومانية/الغسانية، ويبدو أن إيران الحديثة تسعى لتحقيق شيء مشابه في مشهدها الجيوسياسي. مع تصاعد الغضب الشعبي في العديد من الدول العربية تجاه أنظمتها الحاكمة، قد يتساءل البعض: هل نحن على أعتاب زحف عسكري فارسي جديد؟

زيارة بسيطة لأي دولة خليجية تكشف بوضوح أن العدو الذي يجمع هذه الدول ليس إسرائيل أو أي قوة خارجية أخرى، بل إيران وثورتها التي تهدد بتغيير موازين القوى في المنطقة. في النهاية، يبقى السؤال معلقًا: هل ستكون إيران قادرة على إعادة تشكيل العالم العربي كما فعلت قبل أكثر من ألف عام، أم أن التاريخ سيسير في اتجاه مختلف؟